دخول
المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 16 بتاريخ الأحد مايو 21, 2023 12:26 am
الفصل الثاني
صفحة 1 من اصل 1
الفصل الثاني
الطرق التى سلكتها القبائل العربية المهاجرة إلى أفريقيا والسودان
يؤكد كثير من المؤرخين , أنّ العرب المهاجرة من شبه الجزيرة العربية والحجاز , وقد وصلوا إلى السودان , عن طريق الحبشة ومصر .وقسم من هذه القبائل , سواءً أكانوا تجاراً أم مهاجرين قد إستقرو بالطبع فى مصر والحبشة , واَخرون قد اتحذوا طريقهم عبر النيل الأزرق , ونهر عطبرة شمالاً الى بلاد النوبة . ومن بلاد النوبة , كان هنالك طريق يبدأ من دنقلا , ويتجه غرباً ليتصل بدرب الاربعين , الذى يصلها بدارفور. ويؤكد المؤرخ (هارولد ما كمايكل) فى كتابه_تاريخ العرب فى السودان_هذا يعني بقوله :هنالك مايوضح أن بعض هؤلاء العرب , سواءً أجاءوا من الشرق , عبر البحر الأحمر , أم جاءوا من الشمال , عبر وادى النيل , وجدوا طريقهم غرباً , عبر كردفان إلى دارفور.ولمّا فتح العرب المسلمون مصر على يد عمرو بن العاص عام 641م , وتدفق جموع القبائل العربية عليها , سلكوا الطريق نفسه , وهو درب الاربعين , للوصول إلى دارفور . وهكذا لعب هذا الطريق دوراً هاماً , فى نقل العروبة , والإسلام , وحضارته إلى دارفور , والى قلب القارة الافريقية وبلدانها الغربية .والى جانب طريق الاربعين , كان هنالك طريق صحراوي غربي اَخر , ربط بين مصر ودارفور ايضاً . وهو طريق يتوسط طريق نهر النيل , والطريق الليبي التونسي , ويسمى بالطريق الليبي , وربما لأنه يمر , بعد أن يخرج من مصر بالصحراء الكبرى , التى تسمى فى جزء منها بالصحراء الليبية , وهى الصحراء التى تقع شمال دارفور وتشاد . وهذا الطريق يمتد من غربى الدلتا ,أو من الإسكندرية على وجه التحديد , ويتجه نحو الجنوب , حتى يصل إلى الجهات الشمالية فى كردفان ودارفور . وهو طريق تذكره معظم القبائل العربية من الغرب
ص(17)
مصر , فى رواياتها وأخبارها.بجانب هذين الطريقين . الّلذين يوصلان بين مصر ودارفور , هنالك طريق ثالث , ولكنه غير مباشر , إذ يأتي من مصر إلى بلاد النوبة أولإً , ومنها إلى كردفان ودارفور ثانياً . ويكاد أن يكون هذا الطريق , هو الطريق الرئيس للهجرات العربية القادمة إلى السودان بصفة عامة . كما وأنه كان من أقدم الطرق التى سلكتها هذه القبائل الى السودان . فالتاريخ لايسجل فى اى عهد من عهوده , وصول موجات هامة أو هجرات عنيفة إلى السودان عن طريق غير مجرى نهر النيل , الذى يمتد من الشمال إلى الحنوب . ولذلك هذا الطريق , يعتبر من أهم الطرق المؤدية إلى السودان من مصر .ولا يفوتنا هنا , أن نضيف الطريق الذى يربط السودان بالبحرالأحمر , وينتهى عند ميناء عيذاب , الذى يقع فى اَخر حدود مصر وأول حدود السودان . وكان هذا الطريق مشهوراً بأنه طريق للحج , بجانب أنه طريق للتجارة. وذلك لأن الحجاج القادمين من مصر , والسودان , وغرب أفريقيا ,كانوا يستخدمونه فى العصور الوسطي للذهاب إلى الحجاز ,تجنباً للأخطار الناجمة عن الحروب الصليبية ,التى كان حوض البحر الأبيض المتوسط ميداناً ومسرحاً لها . فقد كانت (عيذاب ), بعيدة كل البعد عن غارات الصليبين , الذين نقلوا سفنهم فى تلك الفترة إلى البحر الأحمر , وأخذوا يهددون قوافل الحج البريّة والبحرية . كما أن قرب عيذاب من جدة , جعلها موقعاً ملائماً لإختراق البحر الأحمر . وقد ظل هذا الميناء يؤدى مهمته , حتى إندثر تماماً فى أواخر القرن الوسطى , وانتقل نشاطه إلى بلدة سواكن , التى تقع فى أرضى البجة , والتى ترجح الرّوايات الحديثة تأسيسها إلى عرب الجنوب , وبخاصة الحضارمة ولذلك وصفت بأنها عربية أكثر منها بجاوية , ومنذ القرن الخامس عشر الميلادي , أخذت تؤمها السفن القادمة من المحيط الهندى , كما قصدها تجار من حضرموت واليمن والهند والصين . وانطلقوا منها إلى داخل السودان حتى كردفان ودارفور
ص(18)
طريق الواحات
كانت الواحات التى تقع فى صحراء مصر الغربية طريقاً لبعض هذه الهجرات , والمعبرة الرئيس للمسافرين من التجار , ورجال الدين , وغيرهم من القادمين من مصر إلى دنقلا ودارفور. وقد كانت طرق القوافل , تخترق هذا الإقليم من الشمال كما بينا من قبل . وبخلاف الواحات المصرية , التى ربطت بين مصر ودارفور , وهنالك طريق (درب الاربعين ) ,الذى يصل أسيوط بدارفور مباشرة . وقد سلك التجار العرب المهاجرون هذا الطرق فى العصور الإسلامية الأولى , وظلوا يسلكون حتى العصر الحديث , وقد أضحنا ذلك من قبل أيضا .ومن المعروف , أن المؤرخ العربي الشهير _محمد بن عمر التونسي _الذى وصل من مصر إلى دارفور , فى بداية القرن الماضي , ولم يصل إلا عن طريق درب الأربعين .ويقول :المقريزى فى كتابه (إمتاع الأسماع) أنه نتيجة للتسلل السلمي للقبائل العربية نحو الشرق ايضاً , انتهى الأمر فى بداية القرن السادس عشر الميلادي ,بالقضاء على مملكتى المقرة وعلوة المسيحيتين , وقامت على أنقاضهما مملكتان عربيتان إسلاميتان هما : مملكة الكنز , ومملكة الفونج . وكان لهذا الوجود العربي فى بلاد النوبة وعلى هذا النحو , اَثار كبيرة بالنسبة لدارفور . إذ إنطلقت اليها هجرات العربية , عبر كردفان , وعبر صحراء النوبة التى تقع شمال كردفان وتتصل بشمال دارفور .ويذهب بعض المؤرخين منهم المؤرخ محمد عبدالرحيم فى كتابه _(محاضرة عن العروبة فى السودان), الى : أن بعضناً من بنى أمية , قد استوطنت فى مملكة الفونج بسنار , فور وصولهم من شبه الجزيرة العربية , واختلطت بقبائلها , وتصاهرت معها عبر الزمن . ثم إضطرتها الظروف من جديد , الى الهجرة تجاه
ص(19)
دارفور, عبر أراضي كردفان . وهو أول إختلاط لبنى أمية بالدم الفونجي المحلي , والذي أكسبهم بعضاً من التغيرات الجسدية : مثل لون البشرة السمراء , وتقاطيع الوجه , والتى إزدادت أكثر فأكثر , بعد إختلاطهم بقائل دارفورفيما بعد.
بنو أمية فى الجاهلية وصدر الاسلام
اذا كنا ذكرنا فى مقدمة هذا الكتاب , بأنّ (الميما ) قبيلة تعود بنسبها الى البيت الأموى (بنى أمية ) , وأنها قد هاجرت ضمن الهجرات العربية , منذ العهد الأول للفتوحات الإسلامية , ثم بعد سقوط الدولة الأموية , وإضطهاد العباسيين لهم , فأنه لا بد لنا من معرفة ( بني أمية ) فى الجاهلية وصدر الإسلام . ولتوضيح ذلك نقول : ينحدر الأمويون والهاشميون من جد واحد وهم ينتسبون الى عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة ...الخ وعبد مناف هذا , هو الجد الرّابع للرسول (صلى الله عليه وسلم ) . والمعروف أن بني عبد مناف هذا هؤلاء , يتمتعون جميعاً بمركز الزّعامة فى مكة وغيرها من مناطق شبه الجزيرة العربية . أنظر كتاب : (النجوم العوالي ) لعبد الملك إبن حسين العصامر . وتعود زعامة بني عبد مناف لمكة المكرمة , وتولى أمور الزعامة فيها .يقول إبن إسحق فى هذا المجال :"فولى (قصي) أمر البيت , وأمر مكة , وجمع قومه من منازلهم الى مكة , وتلك على قومه وأهله فملّكوه , فكان (قُصى ) أول بني كعب لؤي الذي أصاب ملكاً , أطاع له به قومه , فكانت اليه : الحجابة و السقاية و الرفادة , والندوة واللواء , فحاز شرف مكة كلها , فحاز شرف مكة كلها راجع (العالم الإسلامى فى العصر الاموى ) , دراسة سياسية د.عبدالشافي عبداللطيف ,الطبعة الاولى 1984م.
ص (20)
والأمويون ينتسبون الى أمية بن عبد شمس بن عبد المناف بن قصي, سادة من سادات قريش فى الجاهلية . وكان أمية فى الرفّعةوالشرف , يعادل عمه هاشم بن عبد مناف بن قصى , الذى ينتمى اليه الهاشميون , وهو جد الرسول (صلى الله عليه وسلم).وكان أمية هذا تاجراً , أعقب كثيراً من الأولاد والمال وكثرة العصبة , وكل هذه كانت فى الجاهلية من أهم وأعظم اسباب السيادة والريادة , بعد شرف النسب وكان لأمية هذا , عشرة من الأبناء كلهم سيادة وشرف . منهم :_العنابس وهم حرب وأبو حرب , وسفيان وأبو سفيان , وعمرو وأبوعمرو . الأعياص وهم العاص وأبوالعاص , والعيص وأبوالعيص وكان حرب بن أمية , قائد قريش كلها يوم (حرب الفجار) , وهو الذى تحمل الدّيات فى ماله , وذلك عندما قام بالصلح بين الناس , ورهن إبنه _أباسفيان _لسداد تلك الدّيات . وكان حرب صديقاً لعبد المطلب بن هاشم , ودامت الألفة و الود بينهما زمناً طويلاً .ولمّا كان أبوسفيان صديقاً حميماً للعباس بن عبدالمطلب , فلم يكن هذان البطنان أو البيتان , متعاديان فى الجاهلية كما يظن بعض من الذين لا يدققون النظر فى المسائل التاريخية . إنما كان هنالك , فى بعض الحالات والمناسبات ,الغيرة والتنافس الطبيعى بين بنى البشر . راجع : كتاب تاريخ الإسلام للدكتور حسن إبراهيم حسن , الجزء الأول , وكتاب " محاضرات تاريخ الامم الإسلامية ـ الدولة الأموية , للشيخ محمد يوسف عثمان الخضرى بكر.
لا فى العير ولا فى النفير
وقد كان أبو سفيان , هو قائد وصاحب العير (القافلة ), والقادمة من أرض الشام الى مكة المكرمة , والتى وقعت من أجلها (غزوة بدر الكبرى) . وكان رئيس جيش قريش النافر وقتئذ , لحماية تجارة قريش هو عتبة بن ربيعة بن عبد شمس,
ص (21)
جد معاوية بن أبى سفيان لأميه . فكان أبوه صاحب العير , وجده صاحب النفير . وبهما يضرب المثل العربى فيقال للخامل فى المجتمع : (لا فى العير ولا فى النفير ).إلا أن بني أمية , سرعان ما أسلموا , ودخلوا الإسلام أفواجاً , وأخلصوا للرسول (صلى الله عليه وسلم) , بعد فتح مكة المكرمة , فى السنة الثامنة من الهجرة وكان ابوسفيان بن حرب بن أمية , رجلاً عظيماً فى نفسه , ذا شرف ومكانة فى قومه ولذلك عامله النبي (عليه الصلاة والسلام)معاملة حسنة تنطوى على التسامح , وأبقى له ما كان يتمتع به من مكانه ونفوذ فى عشيرته . وعندما أنهى العباس رضى الله عنه , بذلك الى الرسول (عليه الصلاة والسلام) يوم فتح مكه أعطاه مكانة لم يعطيها أحداً غيره فى ذلك اليوم . إذ أمر منادياً ينادى بمكة : "من أغمد سيفه فهو اَمن ومن دخل المسجد فهو اَمن ,ومن دخل دار أبى سفيان فهو اَمن " فساوى بين بيت ابى سفيان بيت الله فى الأمان للناس , وهذا شرف عظيم لم تناله أحد مثله الى الاَن .وقد حرص الرسول (عليه الصلاة والسلام) كذلك , على إعلاء شأن بنى أمية , بعد دخولهما الإسلام أذ يقول المقريزى فى ذلك: "...فاسند الى كبرائهم إدارة بعض الولايات العربية , فعين على مكة عتاب بن أسيد بن العيص بن أمية , ولم يزل وقتها والياً عليها حتى اَخر عهد أبى بكر الصديق . وعين عمربن سعيد على تيماء و خيبر وتبوك وفدك , وأبوسفيان بن حرب , على نجران " راجع المقريزى فى كتابه : ( التنازع والتخاصم ) , " وما لبث إبنه معاوية , أن اصبح فى عداد كبار المسلمين . فاتخذه الرسول (صلى الله عليه وسلم ) كاتباً للوحى" . راجع كتاب : (الكتّاب والوزراء ) للجهشيارى , أبو عبدالله محمد بن عبدوس الكوو في 1938م .وعلى العموم , فأن بني أمية قد أنتقلوا من سيادة فى الجاهلية الى ريادة فى الإسلام . وقد قال (عليه الصلاة والسلام) : (النّاس معادن فخيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا ) . فإتصلت لهم السيادتان.
ص(22)
الفتوحات الاسلامية فى عهد معاوية
يقول الدكتور حسن إبراهيم , فى كتابه (تأريخ الاسلام)الجزء الأول : " ومن الفتوح العظيمة , ماكان فى أفريقيا .ففى سنة (50 هجريه)ولّى معاوية بن نافع , وكان مقيماً (فى برقية وزويلة ) منذ فتحهما, أيام عمرو بن العاص , وله فى تلك البلاد جهاد وفتوح . فلما إستعمله ,سير اليه عشرة اَلاف من الجند فدخل بها أفريقيا . وانضم إليه من أسلم من البربر, فكثر جمعه ووضع السيف . ثم رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين , وأهلهم وأموالهم , ليأمنوا من ثورة تكون من اهل تلك البلاد . فقصد موضع (القيروان) , فقطع الأشجار, وأمر ببناء المدينة فبنيت , وبنى المسجد الجامع , وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم , وكانت دورها 360باعاً , وتم أمرها سنة (55هجرية). وكان أثناء عمارة المدينة , يغزو ويرسل السرايا فتغير , ودخل كثير من البربر فى الاسلام واتسعت خطة المسلمين الى الأفريقى , العدد الأول فيقول : (توالت بعد ذلك , هجرة العرب المسلمين الى مختلف أنحاء أفريقيا ,شرقها وغربها , وسيكون مضجراً , بل ومستحيلاً تناول مثل تلك الهجرات , وما نجم عنها من إستقرار جاليات عربية فى نواح مختلفة من أفريقيا . الا أننا نود أن نشير فى هذا المجال الى بعض الجاليات العربية , التى كانت عبارة عن ظاهرة للإلتجاء السياسى . فالمجموعة التى هاجرت فارةً من وجه خصومها السياسين , كانت ذات أثرفعال فى نشر الإسلام , وتوطيد العلاقات الثقافية بين العالمين العربى والأفريقى ,سيما وأن إستقرار ,هؤلاء اللاجئين السياسيين , بين ظهرانى مضيفيهم من القبائل الافريقية هيا لهم فرصة التزاوج والانصهار . وقد ساهم الامويون , فى نقل الثقافة الإسلامة والعربية الى تلك الربوع , بعد إستيلاء العباسيين على مقاليد الحكم فى بغداد , وذلك بتأسيسهم لجاليات عربية , خارج
ص(23)
نفوذ الدولة العباسية كلاجئين سياسيين ـفى افريقيا ولكنهم أختاروا فى هذه المرة شمال أفريقيا وغربها , وتبدو هذه الظاهره بجلاء فيما فعله عبدالرحمن الداخل ـ(صقر قريش ).تكونت الجاليات الاموية فى غرب أفريقيا مبكراً , عندما لجأت الى هنالك مجموعات من الجنود الامويين , الذين خسروا المعارك الأولى فى شمال أفريقيا . ويذكر لنا البكري , فى كتابه (المغرب فى بلاد أفريقيا والمغرب) , الذى عاصر نشأة امبراطورية غانا الإسلامية , قائلاً : "وببلاد غانا يسمون بالهنيهيين , من ذرية الجيش الذى كان بنو أمية قد أنفذوه الى هناك , فى الإسلام , وهم على أهل غانا إلا أنهم لا ينكحون فى السودان ولا ينكحونهم , وهم بيض الالوان , حسان الوجوه."كما ويذكر لنا البكري نفسه : "أن من بين أهل أدغست جاليات عربية , ومهاجرين من مفازة القيروان . ويذكر ذلك , ياقوت الحموى ايضاً , فى (معجم البلدان ), ويسانده مبيناً "أن قوماً من بنى أمية , قد هاجروا الى (كانم) أيام محنتهم على عهد العباسيين , وأن جنوداً منهم جاءوا إليها عن طريق اليمن .وتشير كثير من المصادر التاريخية , (محاضرة عن العروبة فى السودان) للمؤرخ محمد عبدالرحيم الى أن أصل ملوك الفونج , من بنى أمية , نزحوا إبتداءً من شبه الجزيرة العربية الى الحبشة , وتبعهم العباسيون , وخاطبوا فى شأنهم حاكم الحبشة فإضطر الأحباش الى التخلص منهم , وإبعادهم الى المناطق المتاخمة , وأستدل المؤرخون على ذلك , من الرسائل المتداولة بين عمارة دنقس ومحمد ودبادى عجيب , الى السلطان سليم وبنى أمية المقيمين بدنقلا.وبالطبع , فأن كل هذه الجاليات سواءً أكانت شعبية , أم خوارج أم أمويين , قد أسهمت فى وضع اللّبنات الأولى لجزور العلاقات العربية الأفريقية , فى المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية , بما فى ذلك الإتجار , والإنعاش الإقتصادى , وإقامة
ص(24)
الدويلات الإسلامية و نشر الإسلامية واللغة العربية . الأمر الذى دفع الأمراء والملوك الافارقة , لإقامة فريضة الحج , التى وثقت العلاقات بين العرب والافارقة . وقد كانت اَخر هجرات المرحلة الاولى الى غرب أفريقيا , ذات أثر ثقافى مباشر وباق الى يومنا هذا , هى هجرة عرب الشوى . ففى القرن الخامس عشر , إنتهت موجة الهجرات العربية الوافدة من مصر , والسودان , ومن إقليم بحيرة تشاد . وإنتشر العرب فى الجزء الشمالى من ممالك كانم, وودّاى وبرنو . ويوجد هؤلاء العرب اليوم , فى شمال تشاد والكمرون ونيجيريا والنيجر , ويعرفون بعرب الشوى (أى البدو الرّحل ) . ولا يزال هؤلاء الأعراب , يحافظون على لغتهم العربية , والتى تمثل إحدى اللّهجات الهامة فى تلك المنطقة , كما ويحافظون على تقاليدهم وثقافتهم العربية . وقد اختلطت هذه المجموعات العربية بموجة الهجرات البربرية الوافدة من المغرب , ويغلب على تلك المجموعات البربرية المستعربة الاَن فى شمال نيجيريا والنيجر ومالى وأجزاء من أقطار غربى أفريقيا الباقية . وتوجد مجموعات منهم , حول (مايدغرى ) عاصمة الإقليم الشمالى الشرقى فى نيجيريا . وهم يتحدثون العربية بطلاقة , وقد ساهمت (كلية الكانمى الإسلامية ) , فى صقل ألسنتهم , فأصبحوا لا يختلفون عن متحدثي اللغة العربية فى القاهرة أو بغداد إلا من حيث جرس الكلمة وذكر البكري عام 1094 م " أن بنى أمية أرسلوا جيشاً إسلامياً لفتح بلاد السودان , فى صدر الإسلام . وإستقرت ذرية هذا الجيش فى غانا . ويقول القلشندى فى كتابه (صبح الاعشي ) : أن أهل غانا أسلموا فى أول الفتح "ويهمنا فى هذا الجانب , أنه يؤرخ لإمبراطورية غانا الإسلامية بدخول المرابطين الى أرضى غانا الوثنية , وذلك عندما اخضعوا أودغست (عام 1055م) , واستولوا على مدينةغانا (1076م), وعينوا عليها حاكماً من البربر . ومنذ ذلك الحين برزت الاَثار العربية الإسلامية فى شمال وغرب أفريقيا , وأوضح تلك الاَثار ما كانت فى
ص(25)
رد: الفصل الثاني
العاصمة كومبى صالح , والمدن الزاهرة الكبرى أمثال : ولاتة ونيمة وأودغست .وقد ضمت غانا نحواً من اثنى عشر مسجداً , والحق بكل مسجد مدرسة لتعليم القرآن , وقواعد الدين , واللغة العربية . كما أن القسم الإسلامى من العاصمة , كان مليئاً بالعلماء والفقهاء والأئمة والمقرئين . وكذلك كانت ولاته ونيمة وأدغست , والتى كانت مراكزاً للثقافة الوحيدة فى البلاد , هذا بجانب كونها لغة التجارة المستعملة فى التبادل التجارى والمكاتبات .واحتلت هذه اللغة فى غانا , وفى غيرها من بلاد السودان الغربى والأوسط , المكانة التى احتلتها اللغة اللاتينية فى أوربا فى العصور الوسطى, بل زادت عليها إذ بقيت العربية بتلك البلاد , لغة الدين والثقافة حتى فى العهد الإستعماري , بينما زالت اللغة اللاتينية تدريجياً , أمام زحف اللغات الجرمانية القومية بأوربا فى تلك العصور . وأكثر من هذا , فقد شهد بعض المكتشفين والمستعمرين , فى مطلع العصور الحديثة , بأن إلمام سكان غربى أفريقيا باللغة العربية , يفوق إلمام أوربا باللغة اللاتينية فى العصور الوسيط .
ومما يذكر , أن المرابطين كانوا يرسلون العلماء بين القبائل السودانية , لبث العقيدة الصحيحة . وأقبل الأفريقيون المسلمون على مناهل العلوم العربية فى حماس تلقائى , بسبب ما اتصف به الإسلام ولغتة من التسامح , وبفضل ما امتاز به المسلمون من العرب والبربر , الذين إستقروا فى غانا وغيرها من بلاد السودان وكذلك الذين اتصلوا بتلك البلاد , من كفاءة وخبرة فى شتى الميادين , الاقتصادية و الإدارية , فضلاً عن الجانب الثقافى . إذ كان المسلمون , يمثلون حضارة رفيعة , ومدنية سامية , بدليل إستعانة ملوك غانا بهم , فى اجلّ أعمالهم . فالمسلمون هم الذين كانوا فى بداية الأمر , يعرفون القراءة والكتابة , فلذلك , كانوا هم الذين يتولون إدارة الدواوين . وكان منهم الوزراء الذين يساعدون الملوك .
وقد ذكر البكرى : "أن تراجمة الملوك كانوا من المسلمين , وكذلك صاحب
ص(26)
بيت ماله وأكثر وزرائه" ؛ فهذا دليل على إنتشار الثقافة الإسلامية , التى توسعت وانتشرت بعد أن أصبحت مملكة غانا دولة إسلامية .
دورُ الأمويين فى نشر الإسلام فى أفريقيا
أول من إتجه الى المغرب , هو عمرو بن العاص , حيث قام (عام 32 هجرية) بغزو برقة وطرابلس , وذلك لتأمين حدود مصر الغربية , وربما كان عمرو يفكر فى الإستمرار فى الفتح غرباً , لولا ما ذُكر من عدم حماس الخليفة الرّاشد عمر بن الخطاب لهذا المشروع , خشية على المسلمين , فعاد عمرو بالجيش أدراجه الى مصر .
وفى ولاية عبدالله بن أبى السّرح على مصر , غزا شمال أفريقيا أكثر من مرة , واستطاع الوصول الى قرطاجة , وهزم جيوش الرٌّوم فى عدد من المعارك واستمر فى جهاده
براً وبحراً , حتى عُزل بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه (سنة35هجرية).
وفى (سنة 45هجرية ) , تولى معاوية ن خديج الكندى قيادة الجيوش الإسلامية فى أفريقيا , وإتخذ من موقع القيروان معسكرا ً له , يرسل منه السّرايا والحملات العسكرية . فظل يقاتل الروم , ويفتح المدن والقرى , وتعززت قوته حينما ولاّه معاوية ولاية مصر (سنة47هجرية) , وظل فيهاالى(سنة 50هجرية) .
وتولى بعده عقبة بن نافع الفهري , وهو يعتبر بحق الفاتح لبلاد المغرب .
لأنه وصل بفتوحه الى المحيط , ودخل فيه بفرسه , حتى وصل الماء الى بطنه, وقال قولته المشهورة : "ياربّ لولا البحرُ منعني , لمضيت فى البلاد الى مسلك ذى القرنين , مدافعاً عن دينك , مقاتلاً من كفر بك ".
ولقد قام هذا القائد , خلال الفترتين اللتين قضاهما فى ولاية أفريقية (50ــ55
ص(27)
/62ــ74هجرية), بحروب كثيرة ومستمرة ضدالبربر فدوخهم , ودخل كثير منهم فى الإسلام على يديه . وكان من أجل أعماله , بناء مدينة للمسلمين يستقرون فيها . فاختط القيروان , وأسكن فيها جنده وعسكره , وإستقر المسلمون فى المغرب , بعدما كانوا يكتفون بالغزو والعودة الى مصر .
ومن جليل أعماله أيضاً ,غزوه للمناطق الجنوبية . حيث لم يكتف بفتح المناطق الغربية ؛ بل سار جنوباً الى فزان ففتحها, ودخل أهلها فى الإسلام , وسار جنوباً , حتى وصل الى كوار , وفتحها كذلك ثم عاد , وهكذا وصلت فتوحات هذا القائد المسلم , الى حوض بحيرة تشاد جنوباً .
وممن أسهم بنصيب وافر فى الجهاد الإسلامى فى شمال أفريقيا , حسان بن النعمان , الذى أرسله عبد الملك بن مروان الأموي , لكى يكمل الفتح الإسلامى لبلاد المغرب . وقد قام حسان بن النعمان بعدة حملات عسكرية , نجح من خلالها , فى القضاء على الزعامة البربرية المتمثلة فى الكاهنة المسماة بـ(داهية) , فى معركة وقعت (سنة 82هجرية) . وقد إعتنقت قبائل البربر الإسلام , بعد مقتل زعيمتهم هذه
والملاحظ على حملات حسان هو إشتراك البربر فيها مما يدل ذلك على أن الإسلام قد إنتشر بينهم ,وقد تشربته نفوسهم , وأصبحوا بالتالى يقومون بالدور الذى كان يقوم به العرب فى أول الفتوح الإسلامة . وكان إشتراكهم فى عملية الفتح , قد ساعد كثيراً على نشر الإسلام , بإعتبارهم أقرب الناس الى بقية السكان , وأقدرهم على الدعوة والتفاهم معهم .
وكان آخر الولاة الفاتحين فى شمال أفريقيا , هو موسى بن نصير , الذي ولاّه الوليد بن عبدالملك الأموي (سنة 86هجرية ) ؛فقام بدور كبير فى تثبيت نفوذ المسلمين فى المغربين الأدنى و الأوسط , ثم تفرغ للمغرب الأقصى , فأخضعه كله , مستعيناً فى ذلك بالبربر , الذين أسلموا وحسن إسلامهم , وأصبحوا من المجاهدين
ص(28)
المتفانين فى نشر الإسلام . وظهر منهم فى تلك الفترة من كان جديراً بالقيادة , كطارق بن زياد ,الذي أوكل له ـموسى بن النصير ـ قيادة الجيش الإسلامى .ولم ينته القرن الأول الهجرى , حتى تحول المغرب كله , من مصر شرقاً الى المحيط غرباً , ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً الى الصحراء جنوباً , الى الإسلام ؛ وأصبح ولاية إسلامية , ومنطلقاً للجيوش الإسلامية , تنطلق منها لفتح مناطق جديدة , وتحّول أهله البربر , الى جنود مسلمين يقومون بدور كبير فى نشر الإسلام , ويكفينا أن نعلم أن الأندلس فتحها جيشٌ كان قائده من البربر وكان غالب جنده منهم كذلك . هذا عرٌ موجز لحركة الفتح الإسلامي , التى إنتشر عبرها الإسلام فى شمال أفريقيا , وتكاد أن تكون هذه المنطقة , هى المنطقة الوحيدة فى أفريقيا التى دخلها الإسلام بوسيلة الفتح . أما بقية المناطق فقد إنتشر فيها الإسلام بطرق سلمية , ولم تدخلها الجيوش الإسلامية . وحتى نكون منصفين , ونذكر أن بلاد السودان الغربي , قد إنتشر الإسلام فيها بالوسائل السلمية ؛ ولكن ملوك دولة غانا , ظلوا على وثنيتهم رغم إسلام العديد من رعاياهم إستدعى ذلك إز التهم بقوة عسكرية , كان المرابطون قد أرسلوها (سنة 469هجرية) , ليحل محلهم الحكام المسلمون .
هجرة بني أمية
وإذا كان العرب قد أحاطوا بدارفور على هذا النحو , من الشمال والشرق فقد كان لهم وجود فى ناحية الغرب أيضاً ؛ وإن كان هذا الوجود وجوداً محدوداً . وهذا الغرب الذى نقصده فى هذا الإطار , هو دولتا (الكانم ) و (البرنو ) , الّلتان قامتا على التوالى فى العصور الوسطى , فى حوض بحيرة تشاد , وما يحيط بها من بلدان , وهو ما يعرف عادة باسم السودان الأوسط .
ومعروف أن بلاد الكانم هذه , قد دخلها الإسلام , وقامت فيها مملكة إسلامية قرب نهاية القرن الحادي عشر الميلادي , ونتيجة لذلك , فقد إز داد تسرب العرب إليها
ص(29)
منذ ذلك الحين . وكان هذا التسلل منذ عهد بني أمية , بل وقبل أن تقوم هذه الدولة . إذ أن من المعروف أن بعضاً من بني أمية , قد هاجر إليها , بعد سقوط دولتهم على يد العباسين عام 132هـ .
[rtl]ويشير كثير من المؤرخين , إلى أن أغلبية بني أمية , كانت قد هاجرت إلى هذه المنطقة فى عهد السطوة العباسية وضغوطها المتواصلة , مما إضطرتهم تلك السطوة والضغوط إلى الهجرة شرقاً بطريق الحبشة ـ مصر , ثم إلى الغرب الأفريقي , وكذلك التسلل إلى دارفور والإستقرار و هنالك . وقد إزدادت هجرات العرب فى العصور التالية , إلى بلاد الكانم , وصاروا يعرفون فيها بإسم ( عرب الشوى ) , ربما كانت النسبة إلى كلمة (الشاة) , حيث كان عرب الشوى يحترفون مهنة رعي الإبل والأبقار والأغنام .[/rtl]
[rtl]ولتفسير هذه المسألة , يذهب كثيرٌ من المؤرخين , إلى أن هذه القبائل , والتى عاشت فى بلاد الكانم , كانت لها نظائر فى دارفور أيضاً , وكانت تحمل الإسم نفسه . وكمثال على ذلك نذكر أن : التنجر كانوا يعيشون فى (ودّاى) و (الكانم) , وكذلك فى دارفور . وكانوا قد قدموا إليها من الكانم , حاملين راية الإسلام , والتفسير نفسه ينطبق على (الفلاّنيين) , الذين سكنوا (باجرمي) كما سكنوا دارفور . وكذلك الزغاوة الذين عاشوا فى ودّاى والكانم ودارفور . والبرنو , الذين كانت لهم مملكة هنالك سميت بإسهم (مملكة البرنو). وهو نفس الإسم الذى كان يطلق على ( ودّاى ) كقبيلة كبيرة إنتشرت فى هذا الإقليم , حتى وصلت إلى أقصى جنوبه . وكذلك الميما , حيث أنه لايزال لهم وجود كبير ومقدر فى جمهورية تشاد اليوم .[/rtl]
[rtl]ويؤكد هؤلاء , أن هذه القبيلة (الميما) , قد هاجرت إلى (ودّاى ) ودارفور , من منطقة (تمبكتو) , التى تقع على منحنى نهر النيجر , حيث توجد هنالك بلدة تحمل نفس الإسم (ميما) .[/rtl]
[rtl]ويظهر مما تقدم أن (موقع دارفور) , كان من العوامل التى ساعدت كثيراً [/rtl]
[rtl]ص(30)[/rtl]
[rtl]على هجرة القبائل العربية , التى وصلت إليه على مدى قرون , وقبل قيام سلطنة الفور الإسلامية .[/rtl]
[rtl]الميما بمنطقة تمبكتو[/rtl]
[rtl]وإذا كان معظم الكتاب والمؤرخين , أمثال ابن بطوطة وناخيقال , قد أشاروا إشارات مؤكدة فى مؤلفاتهم , إلى أن قبيلة (الميما) جاءت إلى دارفور , من قبل (تمبكتو بمالي ) , فإن المؤرخ (ج.ت نياني ) يفرد لهذا الموضوع فقزات متعددة فى كتابه الشهير (تاريخ أفريقيا العام , المجلد الرابع) . ويورد كذلك إسم (الميما)عند حديثه عن توسع (مالي) فيقول : "فى القرن الثاني عشر ,أصبحت معرفة العرب ببلاد التكرور , تفوق معرفتهم لسواها من بلاد السودان , عدا غانا . ويبدو أن تجارها قد بزّوا تجار غانا , الذين أعاقتهم الحرب الأهلية , التى الحقت الدمار بأقاليم اوغادو و بافوتو ,وكنياغا و (ميما) . وكان نهرالسنغال الصالح للملاحة , طريقاً مناسباً للتغلغل ,سلكها التجار التكارنة أو التكرور , إلى ما بعد باريزا , لمقايضة الملح بلذهب . "[/rtl]
[rtl]وفى مجال آخر , من هذا الموضوع نفسه يقول : " أدى الإستيلاء على (كومبي) , إلى نشوب سلسلة من الحروب , كما أدى إلى حركات هجرة مكثفة فى صفوف السوننكة . وكانت (كومبي) , قبل سقوطها فى أيدي المرابطين , وتأوى تجاراً كثيرين كانو قد إعتنقوا الإسلام "[/rtl]
[rtl]وأشار (البكري) , إلى إعتناق أحد أقرباء الملك للديانة الجديدة بقوزله :ــ" كانت مدينة (الوكان), فى حكم ملك يدعى (كانمر بن بيسي) , ويقال أنه كان مسلماً , وأنه قد أخفى إسلامه " , ولا ننسى فى هذا المجال , أنه كانت لغانا منذ القرن الثامن علاقات تجارية مع بلاد المغرب وكان بعض المغاربة المسلمين , يشغلون وظائف [/rtl]
[rtl]ص(31)[/rtl]
[rtl]سامية فى البلاط الغاني . ولكن , معظم السكان قد ظلوا على وفائهم لدين أجدادهم . وقد حدثت مجابهات غامضة بين العشائر داخل الإقليم الواحد .[/rtl]
[rtl]وقد مزقت تلك الحروب الاهلية إقليم أوغادو الأوسط , وهربت بعض جماعات من السوننكة التى بقيت وفيةً لمعتقداتها القديمة , وإستقرت بمقاطعة (ميما) . [/rtl]
[rtl]وهنا يجيء إسم (ميما) , كإقليم أو مقاطعة قائمة بذاتها , تهرب إليها الجماعات بفعل الحروب , أو الضغوط السياسية , أو الأجتماعية .[/rtl]
[rtl]ويجئ إسم (ميما ) كمدينة عندما يشير المؤرخ نفسه الى القول : " وإزاء افتئات الملك الساحر على الحق , ثارت (قبائل ما ندنكا) مرة أخرى , وحثّت مانسا الملك دنكران تومان , على تولي قيادة العمليات , ولكن ملك الماندية خشي انتقام (سوماورو) , ففر إلى الغابات فى الجنوب ؛ حيث أسس (اكيسدوغو) أو مدينة السلام , وترك المكان شاغراً . وعند ذلك دعا المتمردون سونجاتا , ثاني أبناء ناره مماغان ,والذى كان يعيش فى المهجر بمدينة ميما " ويضيف " وقد أعجب ملك ميما (منساتوناكرا أو ميما فارين توناكرا ) , بشجاعة سونجاتا الشاب , فوكل إليه مسئوليات كبرى , وفى (ميما) , جاءه مبعوثو مندية , فزوده الملك بقوة من الجند , عاد بها إلى مندية . وبأستثناء بعض الإختلافات , تقف بعض المدارس التى تناولت ملحمة سونجاتا حول النقاط الاساسية ..طفولة سونجاتا الصعبة , منفاه إلى ميما , إرسال مبعوثين فى طلبه , عودة سونجاتا الى التحالف , وتقسيم زعماء العشائر , إنهزام سوماورو وإختفاؤه , إعلان سونجاتا (مانسا)أى امبراطوراً , أو ملك الملوك " .[/rtl]
[rtl]وقد نودي بسونجاتا رسمياً (مانسا) بالمادنكا , أو (ماغان) بالسوننكة ــ أى امبراطوراً أو ملك الملوك , وأقر كل رئيس حليف فى مقاطعته بذلك . ولم يحمل لقب ملك إلا رئيسا (ميما) و (أو غادو) .[/rtl]
[rtl]وقد كون سونجاتا حكومة من رفاقه , بإلاضافة الى العسكريين وقادة[/rtl]
[rtl]ص(32)[/rtl]
[rtl]الحرب , وأحاط سونجاتا نفسه بمثقفين من السود , من عشائر الزوايا الأولياء . وكان أفراد هذه العشائر أبناء عمومة وهميين لعشيرة كيتا . ومن المحتمل أن يكون بعض التجار العرب قد ترددوا فى عهده , على بلاطه . فقد ذكر إبن بطوطة : " أن (ماري دياتا ) أسلم على يد شخص يدعى (مدرك) , كان احد أحفاده يعيش فى بلاط المانسا سليمان " . ولكن الرّواية الشفاهية لا ترى سونجاتا إلا محرراً للمانديه وحامياً للمستضعفين . ولكنه , لم يعتبر قط , من دعاة الإسلام .[/rtl]
[rtl]وكان هنالك نوعان من المقاطعات : تلك التى بادرت بالإنضمام إلى سونجاتا وإحتفظ ملوكها بألقابهم ( غانا كومبى ) و (ميما) , وتلك التى ضمت عن طريق الفتح , والتى كان يمثل المانسا فيها حاكماًَ .[/rtl]
[rtl]فالرّواية قطعية , وهى تقول : بأن ملوك أوغادوا السياسية وملوك (ميما) كانوا من أوائل الحلفاء لسونجاتا . وهو ما يفسر الإمتياز الذى حظى به ملوك هذه البلدان .[/rtl]
[rtl]ومهما يكن من أمر , فأن إسم (الميما) هنا , يأتى كمدينة كبرى , وكمقاطعة , وكقبيلة كبيرة يقودها ملك . وكما يقول المؤرخ (ج.ت نيانى ) , فى كتابه الشهير ــ (تاريخ افريقيا العام ) ـ " لم يحمل إسم ملك فى (تمبكتو بمالى) إلا رئيسا (ميما) و ( أوغادوا)" . ولا يزال للميما وحتى اليوم , وجود مؤثر فى مالي . وهذا يؤكد ما ذهب إليه المؤرخون فى أن قبيلة الميما قد جاءت الى غرب السودان عن طريق مالى وودّاى .[/rtl]
[rtl]إنتشار الميما فى السودان[/rtl]
[rtl]ومن مصادرنا التاريخية الحية أيضاً , نجد اليوم الشيخ عبدالله آدم رُجال والذى تجاوز عمره الثمانين عاماً . وهو من شيوخ القبيلة البارزين إلعارفين , وهو[/rtl]
[rtl]ص(33)[/rtl]
[rtl]مشهور فى (دار فافا) كافة , بأنه أكثر العارفين بالأهل , وأعراقهم , وأنسابهم , وتاريخ أجدادهم . وقد حدثنا هذا الشيخ عن القبيلة قائلاً : " يا وليدى قالوا فى المثل : الحسّاب والنسّاب جفاى " , ثم إستطرد القول : " الميما أصلهم من بني أمية , أرسلوا من أرض الحجاز كمناديب لتعليم الناس أمور دينهم , وتذكيرهم بالقرآن . فاتجهوا ناحية الغرب , ووصلوا إلى ديار التنجر . ثم قررّ البعض منهم الرجوع والعودة الى مكة , بينما واصل الآخرون السير .وعندما وصلوا الى منطقة (تندلو) بشمال دارفور أستقروا بها . حيث أعطاهم سلطان التنجر تلك المنطقة . وإن سبب تسميتهم للمنطقة التى منحهم إياها السلطان بـ(تندلو) , أنهم ذهبوا للسلطان وقالوا له : (تندلنا ) فى هذا المكان , وكثر عددنا , ونريد مكاناً يسع أعدادنا الغفيرة . فسمي هذا المكان بـ(تندلو) . وأعطاهم السلطان أيضاً منطقة (تقالي ) ؛ وأخيراً ديار الميما المعروفه الآن فى منطقتى (فافا) و (ودعة) .[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]أما إنتشار القبيلة فى منطقة كاجا و أرمل و أبودزّا وبقية أنحاء السودان , فقد كان بسبب (كُوشةْ) محمود ود أحمد فى فترة المهدية , حين أخذ كل زعماء القبائل الثائرة الى أم درمان , أبان حكم ـ الخليفة عبدالله التعايشي ـ خليفة المهدى . ومن المعروف فى تاريخ هذه القبيلة ,أن نظام الحكم فيها يكون فى العادة وفقاً لفروع القبيلة , أو ما يعرف بـ(خشم البيت ) , أو (الفخذ) . و أول من حكم هذه القبيلة , هو السلطان (مندى ودخريف ) ؛ فى منطقة تندلو , وفى مكان بالقرب من (جامع قديريش) الشهير , والذى لا تزال أنقاضه باقية الى اليوم فى منطقة الكيلو 81 , على (شارع الفاشر ــ نيالا) .[/rtl]
[rtl]وكان للميما سلطان واحد , يقوم بحكم , ورعاية القبيلة فى كل انحاء دارفور وخلف السلطان مندى , السلطان عبدالله تورو فى (تقالى) , وفى مكان يقال له : (دبّة جبّاى) , وبذلك , إنتقلت السلطنة من تندلو الى تقالى ؛ ثم خلفه السلطان قمر ودتوم ودخريف[/rtl]
[rtl]ص(44)[/rtl]
[rtl],ثم السلطان عثمان ديمو .و خلف السلطان عثمان , السلطان كى كتنى (كتنو) . ثم أعطاهم سلطان التنجر منطقة (فافا) , والتى إستمروا فيها الى اليوم وجاء الى سدة الحكم بعد ذلك , السلطان شلبى , ثم السلطان جدو ودفارس , وهو أحد الفرسان المشاهير , الذين قاوموا الحكم التركى فى السودان . ثم السلطان تيراب , فالسلطان حامد عبدالعزيز فالسلطان موسى بجك ود عبدالرحمن ثم السلطان حاج نور ود عبدالرحمن , ثم السلطان آدم دود شلبى , فالسلطان بشار حامد , فالسلطان كشام عربى , فالشرتاى آدم عبدالله أندشومه , والشرتاى احمد عبدالله والشرتاى حامد أحمد آدم[/rtl]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت مارس 07, 2020 5:55 pm من طرف محمد ادم محمد
» محلية كلمندو
الجمعة مارس 06, 2020 11:07 pm من طرف محمد ادم محمد
» الميما بجمهورية تشاد
السبت فبراير 29, 2020 9:51 pm من طرف محمد فرح
» ﻗﺒﻴﻠﺔ “ ﺍﻟﻤﻴﻤﺎ” ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ “ﺻﺪﻳﻖ ﻭﺩﻋﺔ” ﺗﻌﻠﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﻟﺘﺮﺷﻴﺢ “ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ” ﻓﻲ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ 2020
الثلاثاء مارس 13, 2018 2:13 am من طرف محمد ادم محمد
» مولانا الشيخ / احمد عبدالله يوسف
الثلاثاء مارس 13, 2018 1:59 am من طرف محمد ادم محمد
» ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ/ ﻭﺩ ﻛﺮﻭﻣﺔ
الخميس يناير 04, 2018 2:19 pm من طرف محمد ادم محمد
» منطقة ابو قلب
الخميس يناير 04, 2018 1:55 pm من طرف محمد ادم محمد
» ﺍﻟﻤﻴﻤﺎ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﻤﺒﻜﺘﻮ
الخميس يناير 04, 2018 4:31 am من طرف محمد فرح
» اصل هذه القبيلة
الخميس يناير 04, 2018 4:29 am من طرف محمد فرح